قَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّی اللهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمْ): إِنَّ إِبْلِیسَ عَدُوَّ اللهِ کَانَ یأْتِی الْأَنْبِیاءَ وَ یَتَحَدَّثُ إِلَیْهِمْ مِنْ لَدُنْ نُوحٍ إِلَى عِیسَى ابْنِ مَرْیمَ وَ مَا بَینَ ذَلِکَ مِنَ الْأَنْبِیاءِ غَیرَ أَنَّهُ لَمْ یَکُنْ لِأَحَدٍ أَکْثَرَ زِیارَةً وَ لَا أَشَدَّ اسْتِینَاساً مِنْهُ إِلَى یَحْیَى بْنِ زَکَرِیَّا (عَلَیهِالسَّلامُ) وَ إِنَّهُ دَخَلَ عَلَیهِ ذَاتَ یَوْمٍ فَلَمَّا أَرَادَ الِإنْصِرَافَ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ لَهُ یَحْیَى: یَا اَبَا مُرَّةَ إِنِّی سَائِلُکَ حَاجَةً فَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا تَرُدَّنِی عَنْهَا. فَقَالَ لَهُ: وَ لَکَ ذَلِکَ یا نَبِیَّ اللهِ، فَسَلْ. فَقَالَ لَهُ یَحْیَى بْنُ زَکَرِیَّا: إِنِّی أُحِبُّ تَجِیئُنِی فِی صُورَتِکَ وَ خَلْقِکَ وَ تَعْرِضُ عَلَی مَصَایِدَکَ الَّتِی بِهَا تُهْلِکُ النَّاسَ. قَالَ إِبْلِیسُ: سَأَلْتَنِی أَمْراً عَظِیماً ضِقْتُ بِهِ ذَرْعاً … وَ لَکِنِّی أُحِبُّ أَنْ تَخْلُوَ بِرُؤْیَتِی فَلَا یَکُونَ مَعَکَ أَحَدٌ غَیْرُکَ فَتَوَاعَدَا لِغَدٍ عِنْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ. صَدَرَ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى ذَلِکَ فَلَمَّا کَانَ مِنَ الْغَدِ فِی تِلْکَ السَّاعَةِ تَمَثَّلَ بَیْنَ یَدَیهِ قَائِمَاً … وَ بِیَدِهِ جَرَسٌ ضَخْمٌ … قَالَ فَمَا هَذَا الْجَرَسُ بِیَدِکَ قَالَ: یَا نَبِیَّ اللهِ هَذَا مَعْدِنُ الطَّرَبِ وَ جَمَاعَاتُ أَصْوَاتِ الْمَعَازِفِ مِنْ بَیْنِ بَرْبَطٍ وَ طُنْبُورٍ وَ مَزَامِیرَ وَ طُبُولٍ وَ دُفُوفٍ وَ نَوْحٍ وَ غِنَاءٍ وَ إِنَّ الْقَوْمَ یَجْتَمِعُونَ عَلَى مَحْفِلِ شَرٍّ وَ عِنْدَهُمْ بَعْضُ مَا ذَکَرْتُ مِنْ هَذِهِ الْمَعَازِفِ فَلَا یَکَادُونَ یَتَنَعَّمُونَ فِی مَجْلِسٍ وَ یَسْتَلِذُّونَ وَ یُطْرِبُونَ فَإِذَا رَأَیتُ ذَلِکَ مِنْهُمْ حَرَّکْتُ هَذَا الْجَرَسَ فَیَخْتَلِطُ ذَلِکَ الصَّوْتُ بِمَعَازِفِهِمْ فَهُنَاکَ یَزِیدُ اسْتِلْذَاذُهُمْ وَ تَطْرِیبُهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ إِذَا سَمِعَ هَذَا یُفَرْقِعُ أَصَابِعَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یَهُزُّ رَأْسَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ یُصَفِّقُ بِیَدَیْهِ فَمَا زَالَ هَذَا دَأْبُهُمْ حَتَّى أَبَرْتُهُمْ.